نتألم جميعًا –كعرب وسلمين- لما يحدث في السودان داعين الله انفراج
الغمة عن شعب السودان وانصلاح أحوالهم في القريب العاجل. ولعل ما يحدث الآن في
السودان يجعلنا نلتفت إلى أمة مختلفة تثير إعجاب من يعرف عنها حتى وإن كان قليلًا،
هيا بنا نستخلص المنحة من المحنة، ألا وهي التعرف على السودان وتاريخها العريق.
لنبحر في كتاب تاريخ السودان أحد أفضل ما كُتب عن السودان منذ نشأتها.
مؤلف الكتاب
مؤلف كتابنا الرائع هو الشيخ عبدالرحمن ابن عبدالله بن عمران بن عامر
السعدي (1596 - 1655 م). مالي هي مسقط رأسه وبالتحديد مدينة تمبتكو وهو من أصل
مالي سوداني. شغل منصب الإمامة بمدينة جني حيث كانت مركزًا إسلاميًا عريقًا آنذاك.
كتاب
تاريخ السودان
ألفه الشيخ
السعدي. ونُشر بباريس عام 1898. وتحدث الشيخ عن تاريخ ونشأة أمة السودان، حيث كانت
السودان تضم أراضٍ شاسعة من دولة مالي الحالية وكذلك كانت تمتد من المحيط
الأطلنطيغربًا حتى نيجيريا الحالية شرقًا، وقد قام بزيارة هذه البلاد ليؤلف الكتاب
الذي يعد مرجعًا تاريخيًا هامًا.
سبب
تأليف الكتاب
يذكر المؤلف أنه
من هؤلاء الذين أدركوا الكبار والأسلاف المتقدمين ومجالسهم التي كانوا يقصون حكايا
السابقين وسير الشيوخ والملوك القدامى، وأن هذا الأمر كان له عظيم الأثر في تناقل
التاريخ وتأصل الهوية. ولكن انقرض ذلك الجيل الذي يعرف ولم يعقبه جيلًا آخر لنقل
ما توارثوه؛ وذاك ما دفع الكاتب لكتابة الكتاب الذي يوثق كل ما سمع وعرف عن تاريخ
السودان، خصوصًا بعد ما انتشر الكذب والجهل بالتاريخ.
مم
يتألف الكتاب؟
يتألف الكتاب من ثمانية وثلاثين فصلًا، ويتجاوز عدد
صفحات الكتاب الثلاثمائة صفحة. يتحدث كل باب عن حقبة معينة في تاريخ السودان بما
فيها من ملوك وممالك، ويقدم الشيخ السعدي مبحثًا رائعًا في كل باب منذ قبل الإسلام
وأبعد من ذلك وحتى عام 1063 هجريًا أي 1653 ميلاديًا. تناول الكتاب التاريخ
السوداني حتى وصل أنه أرخ للفترة التي كان يعيش فيها أيضًا. لاحظ أن تواريخ الكتاب
مدونة هجريًا.
من موضوعات
الكتاب
كما أشرنا من
قبل يؤرخ الكاتب تاريخ السودان من خلال البلاد التي سافر إليها ويتناول أهم
أعلامها: ملوكها كبار رجال الدولة والصالحين الذين عاشوا بها وكل من أثر في تاريخ
البلدة إيجابًا وسلبًا.
مملكة
سغى
وهي مملكة قديمة ومعلوماتها قليلة وقد قصّ
الكاتب ما تأكد من صدق روايته، تحدث عن ملوكها وصفاتهم وذكر أنهم كانوا أقوياء
وذوي شجاعة ونجدة وهم من خلفوا المك زا الأيمن (نسبة إلى أصله اليمني) حيث إن
تاريخ الملك زا يصل إلى عهد فرعون وقصته الشهيرة مع نبي الله موسى عليه السلام.
مدينة
جني
وتناول المؤلف
ذكر ممالك أخرى بعد سغى مثل ملي وتنبكت وزاغ وميمة وباغن. حتى وصل إلى مدينة جني.
وذكر عنها أنها كانت مدينة مباركة وكان أهلها ذوي تراحم وتعاطف، وكانت سوقًا
كبيرًا للمسلمين يقصدها الكثير من الناس.
تناول أيضًا ذكر
ملوك وعلماء جنى وكذلك القضاة الذين سكنوها، وأن هذه البلد ورد عليها من الصالحين
الكثير وكأن الله حباها بالصالحين من غير أهلها الذين تغيرت أخلاقهم بسبب تنافسهم
على الدنيا.
التوارق
ويسمون أيضًا
المسوفة وهم ينتسبون إلى صنهاجة التي تمتد إلى حمير. أصل المسوفة رحالة في الصحراء
ليس لهم مكان مستقر وهم على دين الإسلام وقد ارتحلوا بين السودان وبلاد الإسلام.
أما صنهاجة فقد خرجوا من موطنهم الأصلي –اليمن- إلى الصحراء وحتى المغرب حيث عاش
ملك سبق من سبقوه من الفضل والعز.
سياحة
المؤلف في كتاب ماسنة
حيث سافر الشيخ
السعدي لزيارة قاضي ماسنة الفقيه محمد سنب. ومكث بها فترة من الوقت واستأنس
بزيارته كثيرًا.
ختام
الكتاب
واستطرد الكاتب
في سرد التاريخ وحكى أيضًأ عن تاريخ الباشاوات وتلاه ذكر الوفيات وكرر ذلك في حقبة
زمنية أخرى ثم انتهى إلى من تولى أمور البلاد من السودانيين من مجيء الباشا جودر
إلى عام 1063. وأنهى الكتاب بذكر الحقبة من عام 1063 وحتى 1065.
رابط تحميل
الكتاب بصيغة PDF
من هنا
كتبته: أميرة
سامي أبوالوفا
اقرأ أيضَا:
ما علم النفس الاجتماعي؟ وسماته
وأهدافه ومجالاته وما أهم نظرياته؟